حديث الاربعاء الاقتصادي


الأمن الغذائي

حديث الأربعاء رقم /170/
الأمن الغذائي
ألمانيا دولة صناعية تحتل المرتبة الرابعة عالمياً في الناتج المحلي الإجمالي وهي دولة صناعية بامتياز ولكنها تنتج القمح وتصدره وهي تحتل المرتبة العاشرة عالمياً في الإنتاج والمرتبة الثامنة عالمياً في تصدير الذهب الأصفر أي القمح، فكيف استطاعت احتلال هذه المرتبة المتقدمة عالمياً في الزراعة ولم يتأثر اقتصادها الصناعي بذلك.
قاعدة الأمن الغذائي تعتمد على إحداث فائض في الميزان الزراعي السلعي أي هناك منتجات زراعية مصدرة أكثر من المنتجات الزراعية المستوردة.
وفي هذه الحالة تستطيع الدولة التي تتمتع بأعلى درجات الأمن الغذائي توفير المنتجات الزراعية المتنوعة لسكانها دون أن ينال ذلك من فائض الميزان التجاري، بل تتمتع بفائض كبير ينعكس على أسعار القطع الأجنبي وعلى دخول السكان ومستوى الرفاهية المطلوبة.
لقد دعمت أزمة الغذاء العالمية نتيجة الحرب في أوكرانيا فكرة تعزيز الأمن الغذائي وأعادت الفكرة القديمة في تحقيق الاكتفاء الذاتي في السلع الزراعية الإستراتيجية التي لا يمكن الاستغناء عنها.
ولم تعد التوجهات الاستيرادية من المواد الأساسية فكرة قابلة للتطبيق بشكل سهل وعادل وبسيط نتيجة صعوبات الاستيراد وارتفاع تكاليف الشحن والنقل والتأمين والتخزين هذا إذا استثنينا حالات الحصار والعقوبات وصعوبات تحويل الأموال وأصبحت قوة الدول تُقاس بامتلاكها قدرة متنامية في إنتاج وتصدير المحاصيل الإستراتيجية مثل ( القمح – الشعير – البذور – الأعلاف ...... )
فكيف استطاعت ألمانيا النجاح في الزراعة كما نجحت في الصناعة والخدمات وكيف استطاعت تحقيق إنتاجية عالية في وحدة المساحة ولم يتأثر قطاعها الصناعي فهي دولة صناعية بامتياز وهي زراعية بامتياز أيضاً وهي دولة خدمات وسياحة بامتياز إنها المعادلة الصعبة التي تقول أن الزراعة هي جذور التنمية وأن الصناعة هي فروعها وأغصانها فهل جاء الوقت لتعود سورية إلى زمن الوفرة في المنتجات الزراعية وهي التي كانت في يوم ما (خزان قمح الإمبراطورية الرومانية).
الأمن الغذائي هو سبيل النهوض الاقتصادي المرتقب.
دمشق في 17/8/2022
كتبه د. عامر خربوطلي
العيادة الاقتصادية السورية