حديث الاربعاء الاقتصادي


الاستثمار الزراعي

كتب الدكتور عامر خربطلي عضو اللجنة العلمية في فرع دمشق لنقابة المهن المالية والمحاسبية (الاستثمار الزراعي)

الاستثمار عادة هو التضحية بأموال حالية في سبيل الحصول على أرباح وعوائد مستقبلية أكبر بكثير من الاموال المستخدمة في رأس المال الأولي والمسمى أحياناً رأس المال المبادر أو المخاطر

أما الزراعة فهي نشاط استثماري يكتنفه عادة درجات مرتفعة من عدم التيقن والخطر المستقبلي نتيجة تذبذب اسعار المبيع يومياً وموسمياً وتأثرها بعوامل الطقس والمناخ سواء كان انتاجاً نباتياً أو حيوانياً

ومن هنا ينشأ تبرير تردد رؤوس الاموال على الدخول في المشاريع الزراعية المختلفة مقابل التنافس في إقامة المشاريع العقارية والصناعية والتجارية نتيجة معدلات عائد الاستثمار المرتفعة وانخفاض تكاليفها النسبية.

والمعدل الذي يشكل الفاصل في قرار الاستثمار عادة هو (معدل الخصم) وهو عبارة عن الحد الادنى من العائد الذي لا يقبل صاحب المشروع الاستثمار دونه في سورية وهو اليوم ونتيجة معدلات التضخم والمخاطرة يرتفع من معدل الفائدة في المصارف وهو بحكم خصائص العمل الزراعي ومخاطره فإن معدل الخصم يكون مرتفعاً في هذا النوع من الاستثمار ويجعل الاموال المستقبلية من الارباح تتناقص إذا حسبنا قيمتها الحالية لنقارنها مع مبلغ رأس المال الاولي.

انتهى المدخل العلمي لتفسير عدم جاذبية الاستثمار الزراعي الانتاجي المباشر مقارنة بباقي انواع الاستثمارات وبخاصة الخدمية التي تسترد رأس مالها بفترات سريعة.

سورية دولة زراعية بإمتياز دون إهمال باقي القطاعات الاقتصادية والامتياز هنا ناتج عن وجود مقومات زراعية ومناخية وبيئية مناسبة جداً للانتاج النباتي والحيواني وتحقق أعلى درجات الأمن الغذائي أولاً ولفائض التصنيع الغذائي والتصدير ثانياً. الاستثمار الزراعي ورغم إعفاءه من جميع الضرائب على الدخل إلا أن الاشكال التعاقدية والمؤسساتية والشركاتية لم تظهر بصورة واضحة ومازالت الاستثمارات الزراعية تعتمد على العمل الفردي الفلاحي بالاضافة للجمعيات الفلاحية، ولم تظهر بعد شركات كبيرة للانتاج أو التسويق أوالتصدير تعتمد على وفورات أو اقتصاديات الحجم الكبير ولم تكتمل بعد حلقات الترابط الامامي والخلفي مع القطاعات الصناعية والخدمية بالشكل الامثل. فوائض انتاجية كبيرة تبحث عن التصنيع أو التصدير وأراضي واسعة تحتاج لزراعات حافظة وتقانات ري حديثة، سهول واسعة تبحث عن قطعان المواشي بجميع اشكالها وما يحد من ذلك مجموعة من الخدمات منها مايتعلق بالتمويل او التأمين والنقل والشحن والحفظ والتبريد والترطيب وتكاليف الاسمدة والادوية والطاقة إلى ما هنالك من خدمات ومواد ومستلزمات اساسية .

يمكن القول ختاماً أنه لا خوف على الزراعة السورية لانها باقية ما بقت الارض السورية وهي خزان أغذية المنطقة وكل ما علينا هو إعادة تموضع صحيح في الاجراءات والحوافز وتأمين الخدمات الداعمة من عمالة وطاقة ومستلزمات انتاجية وتسويق وعندها فقط ستنخفض درجة المخاطرة في الاستثمار الزراعي ويصبح أكثر جذباً وجاذبية مقارنة بالاستثمارات الاخرى.