حديث الاربعاء الاقتصادي


الهوية الاقتصادية

حديث الأربعاء الاقتصادي رقم (153)

(الهوية الاقتصادية)

حديث هذا الأسبوع ليس عن إيصال الدعم لمستحقيه رغم أنه يرتبط به..

وهو ليس عن منظومة الحماية الاجتماعية ولكنه ليس بعيداً عنها..

وهو ليس عن فجوة الدخل ونفقات الاسرة ولكنه في قلب هذه الفجوة....

وهو ليس حديثاً عن الفقر والبطالة والتضخم ولكنه في صلب هذه الثلاثية المقلقة..

وهو ليس عن ارتفاع الأسعار الجنوني ولكنه يأخذ من الأسعار حدتها...

إنه حديث عن هوية الاقتصاد السوري هذه الهوية الغائبة الحاضرة دوما.. والمؤيدون لوجود هوية واضحة للاقتصاد السوري يستندون في ذلك إلى أهمية وجود خارطة طريق وصفات محددة واضحة المعالم تقود إلى رؤية مستقبلية تتناغم معها جميع القوانين والتشريعات والقرارات ......

أما المؤيدون لفكرة الهوية المتبدلة أو غير واضحة المعالم فيعزون ذلك إلى ظروف الأزمة واقتصاد الحرب والحاجة للمرونة في اتخاذ القرارات و التشريعات وفق الحالات المستجدة .

جميع وجهات النظر تبدو محقة من زاوية معينة إلا أنها بحاجة إلى اجماع وطني توافقي يحدد المسار ويرسم الخطوات ويبني البرامج والإجراءات, ويحقق النتائج.

الأزمة كانت ورغم قسوتها فرصة لإعادة النظر لمجمل مسيرة الاقتصاد السوري وتقييم الإخفاقات والنجاحات وصولاً لوضع جديد أفضل.

المبادرة الفردية كانت وماتزال جوهر النشاط الاقتصادي الخاص وصفة مميزة للمجتمع السوري والشركات المساهمة كانت نموذجاً ناجحاً بعد الاستقلال وشركات القطاع العام قامت بأدوار مهمة في مراحل سابقة وأصبحت بحاجة للمزيد من التطوير والتحديث ومرونة العمل .

ثلاثية المبادرة الفردية للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة والشركات المساهمة للمشروعات المتوسطة والكبيرة ومجموعات القطاع العام الصناعية والخدمية تشكل ركائز الاقتصاد السوري ويأتي دور الدولة كحاضن وموجه وحكم لتحقيق الكفاءة الإنتاجية القصوى والربحية الأكبر والاستمرارية الناجحة.

هوية الاقتصاد السوري ينبغي أن لا تخرج عن هذه الثلاثية عبر تشكيل نموذج اقتصادي وتنموي جديد يعتمد على قاعدة (المرور الانسيابي للمبادرة الفردية في جميع المجالات الاقتصادية بدون استثناء على قاعدة إعطاء المهمة لمن يستطيع أداءها بأكبر قدر من الكفاءة والفاعلية.

والتدخل الحكومي مطلوب لتصحيح خلل الأسواق والدعم الموجه نحو قطاعات أكثر استهدافاً ولوضع ضوابط العمل التنموي والإجراءات الكفيلة بانسيابها مع ضمان جو المنافسة وتكافؤ الفرص بينما يقوم القطاع الخاص بدافع الربحية بإنجاز مشروعاته ومبادراته الفردية التي تصيب في النهاية في خدمة النمو والتنمية.

دمشق في 16/2/2022.

كتبه: د. عامر خربوطلي

العيادة الاقتصادية السورية