حديث الاربعاء الاقتصادي


طاقات مثلى

حديث الأربعاء الاقتصادي رقم (159)

(طاقات مثلى)

حديث الأسعار حديثٌ لا ينتهي وهو يؤرق الجميع وهو الذي يزيد من فجوة الدخل والانفاق والمفارقة أن الأسعار تزداد مع انخفاض الطلب على العديد من السلع وهذا أمر غير مألوف والأسعار ترتفع حتى مع انخفاض القطع الأجنبي و الأسعار ترتفع في كل الاتجاهات ولا تعبر عن قواعد السوق المعروفة وحتى في السلع المتنافسة والمتوافرة بشدة نرى ارتفاعات غير مفهومة.

مقالة اليوم تبحث في بعض الأسباب الحقيقية لهذه الارتفاعات مع استبعاد الشكل النقدي المتعلق بزيادة الكتلة النقدية وارتفاع معدلات التضخم لأن ذلك أصبح واضحاً ومؤثراً .

هناك قاعدة اقتصادية ومالية واستثمارية على غاية من الأهمية وهي تتمثل في أن زيادة الإنتاج وبالتالي المبيعات ومن ثم الإيرادات هي التي تساهم في تخفيض نقطة التعادل الحرج لدى الشركات من خلال تخفيض نصيب الوحدة الواحدة من تكاليف التشغيل الثابتة وهي التي تبقى بنفس القيمة بغض النظر عن زيادة الإنتاج أو انخفاضه وتتمثل عادة في ( الإيجارات واهتلاك الأصول الثابتة وفوائد القروض واقساط التأمين ورواتب الإداريين ) بعكس التكاليف المتغيرة التي تتغير مباشرة مع تغير الإنتاج صعوداً أو هبوطاً وبالتالي من مصلحة أي شركة أن تعمل بأقصى طاقاتها الإنتاجية سواء كانت سلعية أو خدمية لتحقيق نقطة التعادل تلك التي تتمثل بمعدل الطاقة الإنتاجية للشركة التي تتعادل فيها الإيرادات مع التكاليف أي لا ربح ولا خسارة وما فوقها تبدأ الأرباح .

هذا التقديم النظري المعروف في دراسات تقييم المشروعات لم يعد من مزايا العديد من الشركة السورية حيث فقدت العديد من الشركات هذه المزايا والتي تعرف بمزايا الحجم الكبير أو وفورات أو اقتصاديات الحجم الكبير مما انعكس ارتفاعاً مباشراً في أسعار السلع والخدمات المتداولة في السوق.

وإليكم التفاصيل :

تكاليف انتاج سلعة وبالتالي أسعار مبيعها تكون كبيرة في حال عملت الشركة بأقل من طاقتها الإنتاجية المثلى فكيف إذا كانت العديد من الشركات تعمل بــ20 أو 30% من طاقاتها الإنتاجية ففي هذه الحالة يجب أن تتحمل جميع تكاليفها الثابتة على هذه الكمية من الإنتاج وهنا المشكلة !!

إن وجود طاقات إنتاجية معطلة لأسباب عديدة منها عدم توفر الطاقة والمواد الأولية أو الايدي العاملة أو طلب السوق المحلية وعدم القدرة على التصدير سيجعل من هذه السلع مرتفعة السعر مقارنة بغيرها من السلع.

مما يؤدي لارتفاع نقطة التعادل وبالتالي سعر التعادل وهو أمر غير مرغوب عادةً.

ما يهمنا في هذه المقالة أن توفير العرض السلعي هو الكفيل بتخفيض الأسعار وليس أي طريقة أخرى وتوفير الفائض السلعي يتطلب العمل بطاقات إنتاجية كاملة غير ناقصة لاستيعاب تكاليف التشغيل الثابتة وبالتالي سعر التعادل الذي يمثل سعر السلعة أو الخدمة التي تتعادل معها الإيرادات مع التكاليف وكلما كان منخفضاً كلما كان هناك قدرة لأصحاب المشروعات على تخفيض اسعارهم ووصولها للمستهلكين بأسعار مقبولة ودون ذلك فالأسعار ستبقى مرتفعة ومن هنا تبرز أهمية تأمين موارد الطاقة والكهرباء والمواد الأولية والمساعدة ومستلزمات التشغيل الكامل بطاقات إنتاجية كاملة ومثلى وحينها فقط سوف نشهد انخفاضاً في الأسعار مع ضمان أكبر قدر من مناخ التنافس الكامل وفي هذه الحالة سيكون الجميع مرتاحاً.

دمشق في 13/4/2022.

كتبه: د. عامر خربوطلي

العيادة الاقتصادية السورية